وثيقة لبرنامج عرض دار أوبرا العباسية.. التي حاربها شيوخ دمشق وأمها طلابهم

05.06.2016 | 22:14

وفي نهاية الأربعينيات بعيد الجلاء 1946 هدم هذا المبنى الأنيق لترتفع مكانه في مطلع الخمسينيات وفوق الأرض التي كانت وقفاً للخط الحديدي الحجازي، عمارة اسمنتية تمثل (اللاطراز) وضع مخططاتها المهندس اللبناني (فريد طراد) وهي العمارة التي تشغل سينما العباسية وفندق سميراميس الحاليين بعضاً منها، ومازال اسمها إلى اليوم عمارة العباسية.

تتراوح حقبة الصورة لمبنى أوبرا العباسية بين العشرينيات والثلاثينيات من هذا القرن وهي ملتقطة من الجنوب إلى الشمال في صباح يوم مشرق بدلالة اتجاه الظلال، ويبدو في عمق اليمين منها الحاجز الحجري لكتف بردى المجاور لجسر فكتوريا، بينما يطل قاسيون الجبل في الجهة اليسرى.

في دمشق، في تلك المدينة المحافظة، التي لطالما آثرت السرية في حفلاتها وسهراتها، جاء من بيروت (عباس منيني) عام 1920 إلى دمشق، ليشيد (دار أوبرا العباسية)  فوق الأرض التي كان يشغلها المركز الرئيسي لمحطة العجلات (الديليجانس) – نفس الموضع الذي تحتله عمارة العباسية الحالية وفيه فندق سميراميس – وقد دعاها بهذه التسمية نسبة إليه، وكان هذا المبنى أول بناء استعمل (البيتون المسلح) لعمارة سقفه في دمشق.

تألف المبنى من طابقين الطابق الأرضي على طرازة العمارة العثمانية المتأثرة بفن (الباروك) والأقواس العربية، بينما الطابق العلوي على طرازة العمارة الإيطالية (الفينيسية) ذات الأقواس الغوطية، وقد استعمل الطابق الأرضي كمقهى، والعلوي كملهى ومرقص، وكان من المشاهير الذين غنوا فيه الموسيقار (محمد عبد الوهاب ) سنة 1928 والمطربة منيرة المهدية.

ومامن شك أن مشايخ دمشق، وعلى رأسهم مشايخة الجامع الأموي، قد هبوا في دروسهم لينددوا بهذا المكان المنافي للأخلاق ولعادات أهل دمشق برأيهم، وقد روى الشيخ علي الطنطاوي في الجزء الأول من مذكراته، حادثة طريفة حدثت مع أحد شيوخ الجامع الأموي بدمشق، فروى الطنطاوي أن أحد مشايخ الأموي جاءه من يقول أن منيرة المهدية تغني وترقص في (العباسية) فأعلن غضبه في درسه، وقال كيف ترقص هذه المرأة أمام الرجال وهي كاشفة جسدها مبدية مفاتنها؟ أين الدين وأين النخوة؟

قال تلاميذ الشيخ: نعوذ بالله، وكيف يكون هذا، وأين يا سيدنا الشيخ، ومتى؟

قال: في العباسية في الليل بعد صلاة العشاء.

وكان نصف المقاعد خالياً، فامتلأت تلك الليلة المقاعد كلها، لأن تلاميذ الشيخ اعتبروا وصف المنكر دعاية له، فحجزوا مقاعدهم لحفلة منيرة المهدية بذات الليلة.

وعندما أدخلت السينما الناطقة إلى سوريا لأول مرة سنة 1934 جرى تعديل التوزيع ضمن هذا المبنى بحيث شغلت السينما الطابق العلوي منه، ونقل المرقص من الطابق الأرضي ليعمل ليلاً بينما بقي المقهى للنهار فقط.

وكان البناء محاطاً بشرفة يجلس فيها رواد المقهى في أشعر الصيف، وإلى الخلف منه حديقة استعملت كملهى ومرقص صيفي.

وكان برنامج الحفلات يوزع بشكل أنيق، محدداً ساعات وأوقات العروض المختلفة، تلك الحفلات التي كانت تقام مساء كل يوم ابتداءاً من الساعة السابعة والنصف، وتستضيف عدد من المطربين والعارضين من مختلف دول العالم.

ومن الوثائق المحفوظة في متحف سيريانيوز، نشاهد صورة لبروشور البرنامج الفني الذي أقيم في أوبرا العباسية في 17 كانون الثاني 1947، ونجد عليه طابعان ماليان قيمة أحدهما قرش سوري والآخر بقيمة ستة قروش يعود ريعه لصالح الجيش السوري، وغالب الظن أن هذان الطابعان وضعا على هذا البرنامج كضريبة ريع لصالح وزارة المالية جراء إقامة هذه الحفلات.

وفي نهاية الأربعينيات هدم هذا المبنى الأنيق لترتفع مكانه في مطلع الخمسينيات وفوق الأرض التي كانت وقفاً للخط الحديدي الحجازي، عمارة اسمنتية تمثل (اللاطراز) وضع مخططاتها المهندس اللبناني (فريد طراد) وهي العمارة التي تشغل سينما العباسية (سينما مجمع 8 آذار حالياً) وفندق سميراميس الحاليين بعضاً منها، ومازال اسمها إلى اليوم عمارة العباسية.

و تتراوح حقبة الصورة المرفقة لمبنى أوبرا العباسية بين العشرينيات والثلاثينيات من هذا القرن وهي ملتقطة من الجنوب إلى الشمال في صباح يوم مشرق بدلالة اتجاه الظلال، ويبدو في عمق اليمين منها الحاجز الحجري لكتف بردى المجاور لجسر فكتوريا، بينما يطل قاسيون الجبل في الجهة اليسرى.

 

 



Contact
| إرسال مساهمتك | نموذج الاتصال
[email protected] | © 2022 syria.news All Rights Reserved